تذكار جميع الموتى المؤمنين
قد أقامت الكنيسة المجاهدة أمس في عيد جميع القديسين، تذكاراً لشقيقتها المنتصرة في السماء؛ واليوم تُقيم تذكاراً آخر لشقيقتها المتألّمة في المطهر. وهو اشهى تذكار على قلبها.
إن تذكار الموتى هذا قد رسمه البابا بونيفاسيوس، كما رسم تذكار جميع القديسين. وذلك لأن المؤمنين الراقدين بالربّ، وعليهم بعد قصاصات عن الخطايا المغفورة بالحلّ السرّي، أو خطايا عرضيّة، لم يوفوا عنها في هذه الحياة، فهم ملتزمون ان يكفّروا عنها في المطهر، بنار مثل نار جهنّم، لكنّها زمنيّة. ولذلك تقدّم الكنيسة، شرقاً وغرباً، الصلوات والقرابين لأجل راحة الأنفس المطهريّة.
فعلينا نحن، قياماً بواجب الرحمة وعرفان الجميل والعدل أيضاً أن نرفع الصلوات ونقدّم القداديس أو نسمعها ونصنع الحسنات من أجل الموتي، لأنّهم أخوتنا بالمسيح، ولا سيما إذا كانوا من اقربائنا والمحسنين إلينا. فإنّهم من اعماق مطهرهم يصرخون نحونا: “ارحمونا ارحمونا” انتم يا أخلاءَنا فانّ يد الله قد مستنا” (ايوب 19/ 21). و “طوبى للرحماء فإنّهم يُرحمون” (متى 5/ 7). فلينفذ صوتُ صراخهم هذا آذاننا وأعماق قلوبنا لنُسرع إلى نجدتهم.
نحتفل بعيد تذكار الموتى المؤمنين، وتحديداً الموتى الراقدين بيسوع المسيح من خُلِّصوا بموت وقيامة ابن الله وانتصروا على الموت.
فلو لم يَمُت المسيح وينزل إلى أعماق الجحيم ليُحطِّم أبوابه بقيامته المجيدة مُحرِّراً جميع المعتقلين من عبوديَّة الخطيئة، لما كان من معنى لهذا العيد اليوم. لقد غيّر يسوع المسيح مفهوم الموت فبات عبوراً إلى الخلود لا موتاً أبدياً. لقد سمى يسوع آلامه وموته بالعماد، ونحن أيضاً مدعوون للعماد نفسه.
يسود لدى كلِّ كائن بشري مفهوم ثابت بأنَّ للحياة نهاية، ولكن نحو هذه النهاية هناك طريقان:
الطريق الأوَّل يرى في الموت “النهاية”، الحدود الأخيرة التي تقود إلى العدم، الحاجز العظيم الذي تتحطَّم على أقدامه كلُّ الأحلام والرغبات والعواطف. وكأننا نعيش في أفقٍ بلا أفق، مشهد حياة مُرعب قوامه الفراغ والغياب الأبدي.
أمَّا الطريق الثاني فينظر إلى الموت كواقعٍ يقودنا إلى “هدف حياتنا” وليس إلى “النهاية” والعدم. فمن لدن الله خرجنا وبين يدَيه نستودع حياتنا عند تمامها. إن هذا المفهوم الإيماني:
-دفع يسوع المسيح ليصرخ من على صليب الألم:”يا أبتاه بين يدَيكَ أستودِعُ روحي”.
ـ دفع المسيحيِّين الأوَّلين لتسمية يوم وفاة المؤمن بيوم ميلاده.
ـ ودفع القديس فرنسيس الأسيزي إلى دعوة الموت “أخي”، مُستقبلاً إياه بالعناق الذي يقوده إلى اللقاء، والاتحاد مع حبيبه يسوع منتظرِ الأجيال “الذي كان، وهو الآن ولا يزال إلى الأبد”.
نعم هذا هو الفرق بين “النهاية” و”الهدف النهائي”. فمن كان بدايته ونهايته يسوع المسيح لن يخاف الموت أبداً. ومع الكردينال راتزينغر نختم قائلين:”لقد اخترق المسيح بموته جدار الوحدة، اخترق عزلة بشريَّتنا القاتلة. أراد أن يكون رفيق عزلتنا الأخيرة، أي الموت، فانكسر الجحيم لحظة دخول الحب إليه. فعندما يخترق الرجاء مجال الموت ينبت الحبّ، عندها تنتصر الحياة على الموت”.
والان بعد أن فهمنا غاية هذه الذكرى و مفهوم الموت في ديانتنا السماوي دعونا نسأل نفسنا قليلاً…لماذا تقدم طعام الرحمة عند وفاة الشخص؟
أكل الرحمة هو من أجل الذين قدموا من بعيد لتقديم واجب العزاء و لذوي وأقارب المتوفي والذين يقفون و يساعدوا في بيت العزاء .وكان يقدم من أقارب المتوفي .
أما اليوم إسمحوا لي أن أقول أن طعام الرحمة أصبح من أجل:
1- إرضاء وخوف من الناس وليس من أجل راحة المتوفي.
2- طعام الرحمة للجميع و بدون إستثناء.
3- يقدم من ذوي المتوفي مهما كانت مقدرته.
4- الذي يطرح في النفايات أكثر من الذي يأكل.
5- ناهيك عن التكلفة العالية ليس الجميع مقتدر.
وأين ثمار (أكل الرحمة) كما تسمى ومن هم أحق به المحتاج والفقير والذي ترونه مناسباً.
نحن بحاجة إلى عائلات مسيحية تقدم المساعدة للمسيحيين من خلال وقف هذه التقاليد وتأخذ قرار في تلك اللحظة…فما رأيكم؟؟؟
ننتظر تعليقاتكم….